الأحد، 9 أكتوبر 2011

َليعملْ البارُّ ما شاءَ فليس أمامنا غير الدعاء


أخي وحبيبي ،،
لقد كنا حولك وأنتَ تُصارعُ الموتَ ، وننظرُ إليكَ ، ولكن ما عسانا نفعل وقد قَدّرَ الُله لكَ ما قدّرَ من أخذِ أمانته ؛ فليس بوسعنا فعل أيّ شيء لك ، كلُّ ما لدينا في تلك اللحظات الأخيرة هو الدعاء لك حتى أسلمت نفسك لبارئها، وبقيت جثةً هامدةً أمامنا ننعيك وقلوبنا تتفطر حزناً على فراقك.
وقد كان عزاؤنا الوحيد لهذا الفراق هو قول الله تعالى : ( وبشرّ الصابرين ) وأنتَ كنتَ - بإذن الله - من الصابرين ؛ فلقد تقبّلتَ مرضكَ برضاء ، وصبرتَ على الآلام والأوجاع ، ولم تشتكِِِ ؛ فرحمكَ اللهُ رحمةً واسعةً .
أخي ،،
قد رحلتَ ، ولم يكن لدينا من الكلماتٍ التي نودعك بها غير قول الله تعالى ( إنا لله وإنّا إليه راجعون ) ، اللهم أجرنا في مصيبتنا ، واخلف علينا خيراً منها .
حبيبي ،،
يَعُزُّ علينا فراقكَ ورحيلكَ ؛ فالفراقُ صعبٌ ، ولكن قد يكون في الموت راحةٌ لكَ من الآلامِ التي عانيت منها كثيرا ، فليرتاح جسدك من تلك الأوجاع ، ولتُغمض
عينيك براحةٍ وسلامٍ .
أخي ،،
كنتُ طوال مرضكَ أرددُ في نفسي :
فليفعل البارُّ ما شاء فليدخل الجنة ، نعم فليفعل البارُّ ما شاء فليدخل الجنة.
لقد فهمتُ الآن ذلك المعنى عندما وجدته متجسداً فيكَ يا أخي الحبيب ؛ فلقد ضربت لنا أروع المثل في برّكَ بوالديك في وقتٍ قلّ أن ترى ذلك في زمننا هذا؛ فلقد كنت بارًا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ، كنت باراً بأمك حتى بعد مماتها ، وبأبيك حتى آخر لحظة في حياتك ، فبإذن الله أنّ كل ما أصابك قد كفرّ عنكَ ، ورفع من درجاتكَ ؛ فالشوكة يُشكُّ بها المسلم له بها أجر فما بالك أُصبّتَ بماأُصبّت به ، وصبرت عليه
فارقد ياأخي قرير العين ؛ فلقد ذكرك الكثيرُ ، وذكروا محاسنكَ بعد مماتك وياليتهم ذكروها في حياتك ، ولكن هكذا هي الحياة
.فالمجالس أصبحت بعد مماتك تتحدث عن صفاتك
أخي وحبيبي ،،
لقد رحلت عن هذه الحياة بعد أن رسمت أجملَ صور التعامل الحسن ، والسيرة الطيبة ؛ فكنت أباً للجميع ، نعم كنت الأب و الابن والأخ والصديق ، كنتَ عطوفاً وكريماً حتى في أشدّ مراحل مرضك ، يامن كنت سندا لكل فرد في العائلة وخارجها ، يا من كنت قلبا رؤوفا لكل من عرفك واقترب منك ، كيف لا نحزن ولا يحزن من حولنا ونار ولوعة الفراق محرقة ؛ فالكل نعاك وبكى عليك ، وخصوصا والدي وكيف لا يفقدك وأنت ابنه البكر البارّ ، إلا أنه كان صابرًا محتسباً طالباً الأجر والثواب من الله ، وكذلك رفيقة دربك كيف لا وقد عاشت معك العمر كله
حلوه ومره ، فنعم الزوجة هي فتراها صابرة محتسبة
حبيبنا ،،
لقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ؛ صدقة جارية ، أو علم يُنتفعُ به ، أو ولد صالح يدعو له ) ، فأنت قد مُتَّ وخلّفت من وراءك - بإذن الله - جميع تلك الأعمال.
أخي وحبيبي ،، ماذا أقولُ وأكتبُ عنك ، فمهما كتبت وتكلمت فلن أوفيك حقكَ.
أخي وحبيبي ،، لقد رحلت عن هذه الدنيا الزائلة لحياةٍ باقية ، والتقت روحك بأرواح أحبتنا الذين قد رحلوا من قبلك ، فهنيئاً لك هذا اللقاء لأرواح قد اشتاقت لك ، جعل الله مثواك الفردور�الأعلى مع العليين.
اختك
ام بدر التويجري 6/10/2011