الخميس، 2 فبراير 2012

اليك ايتها الام الفاضلة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماًكثيراً

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عذراً: رسالتي ليست للمربيات ولكنها خاصة للأمهات فقط

رسالة إلى الأم التي ترى جميع أبناء المسلمين أبنائها

أيتها الأم الفاضلة : يامن كرمك رب العرش العظيم وأعلى شأن حقك ورفعه على حق الأب لامرة ولامرتين بل ثلاث ...

إلى منبع العطاء ومورد الحنان ومصنع الرجال

هل تظنين أن حقك أخذ هذه المكانة لحملك وولادتك فقط ،،، هل تعتقدين أن الرضاعة هي التي أهلتك لهذه المنزلة ... قد تساويت والله مع البهائم إذاً

ولكن الأمر أبعد من ذلك إنه قلبك (موضع نظر الرب تعالى )

في الحديث الصحيح: ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )

هذا القلب الذي يحتوي هذا الإنسان الجديد بكل اخلاص وأقول اخلاص وبكل ثقة دون خوف من التزكية لأنك الوحيدة التي يشهد لها بذلك .

هذه الرحمة التي تنظرين بها إلى هذا الانسان هي مضرب المثل للمسلمين لتقريب مفهوم رحمة الله عز وجل بعباده.

من هنا كانت الرسالة إلى كل أم يقول الشاعر :

فإذا رحمت فأنت أم أو أب هاذان في الدنيا هم الرحماء

فإذا وجدت الرحمة كان للحب معنى وكان للعطاء حلاوة وكان التواصل بناء...

قال تعالى :( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك)

إن الله عز وجل امتن على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم برحمة منه أن جعله(ليناً ) وبين تبارك وتعالى أن غلظة القلب سبب لنفور من حوله وبالتالي لايستطيع تبليغ دعوته.

إن الله عز وجل امتدح نبيه فقال(وإنك لعلى خلق عظيم) ولكن تلك الصفة أعني صفة اللين المصحوب بالرحمة بالذات خصت في هذا الموضع موضع التأثير على الآخرين.

أيتها الأم اللبيبة :

كثير من الناس حجر واسعاً وجعل الرحمة فقط في الأم الوالدة ولايمكن أن توجد عند غيرها وأنا لاأنكر ذلك ولكن مازال الخير في هذه الأمة فهناك من همتها جنة الرحمن لذا فقد تسامت روحها وارتقت نفسها وعم نفعها من حولها

هاهن أمهات المؤمنين يربين الرجال من الصحابة ويذكرن لهم مايتلى في بيوتهن لينطلق جيل فريد يربي من بعده

وهاهي أم المؤمنين عائشة تربي أبناء أختها تربية تليق بمكانتها وقدرها.

وفي غياب الأم هاهي زوجة الأب تربي لنا عالماً جليلاً يفسر كتاب الله عز وجل .

وكم هناك من أم كانت خلف عالم أو طالب علم أو فقيه ...

أين أسماؤهن... إنها هناك محفوظة والأجر يتضاعف على مر الزمان ... الله أكبر

هذه والله الغبطة وهذا والله الشرف

أيتها الأم هل كانت احداهن تربي ابنها (وأقول ابنها ولا أقول وليدها ) لأنها رسمت خطة مدروسة له ؟ أم أنها تريد أن تفخر به ؟ أم أنها تخشى من شماتة الأعداء ؟

إن هذه السفاسف لاتخطر على بالهن لأن الهم واحد ولايحتاج إلى تخطيط فالخطة كذلك واحدة ولاتحتاج الى كثرة توجيه لأن الطريق واحد.

قال تعالى (( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب )) الشورى
وقال تعالى :((
من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً )) الاسراء
وقال تعالى ))
ومن الناس من يقول ربنا أتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب )) البقرة
وأخرج بن ماجة بسند صحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم ((
من أصبح وهمه الدنيا جعل فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له)).صححه الالباني

أيتها الأم الفاضلة :

1. اجمعي همك ووجهيه واختاري طريق الصراط المستقيم واسألي الله الهداية إليه.

كان من دعائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين } ولهذا قال المفسرون والعلماء: 'إن خير الدعاء وخير الضراعة والتضرع، هو ما ذكره الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة الفاتحة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7].

2. احرصي على الاتباع وتعلم السنة والعمل بها وحسن الاقتداء بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم.

جاء في الحديث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: {ما ابتدع قوم بدعة إلا نزع الله عنهم من السنة مثلها } رواه الإمام أحمد

3. اكثري من الذكر والصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم ففيه الخير كله ودفع الضر عنك وعن أبنائك.

4. اصلحي نفسك واجتهدي في ذلك فهذا جزء كبير من التربية الصالحة أما الجزء الثاني فاجتهادات وتوفيق من الله ، فالله تعالى يتولى الصالحين.

قال تعالى:(إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) (الأعراف:196) (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) (البقرة:257).

أي الذي يتولى نصري وحفظي الله .وولي الشيء : الذي يحفظه ويمنع عنه الضرر . والكتاب : القرآن .
وهو يتولى الصالحين أي يحفظهم

5. اتقي الله أولاً وآخراً وإياك أن تطلبي رضا أبنائك وأنت تعصين الله .

قال تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:123-124]

6. تاجري مع الله بالعمل الصالح .

7. اصلحي مابينك وبين ربك يصلح لك ربك مابينك وبين الناس ومنهم أبنائك.

8. اكثري من النوافل وتقربي الى الله لتحضي بشرف المحبة والولاية فتكوني مسددة قولاًوفعلاً وهذا يغنيك عن جميع النظريات التربوية والفلسفات الأجنبية فيلهمك عز وجل الحزم في وقته واللين في وقته.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» .

9. أعلي همتك أولاً واجعليها أخروية واجعلي ابنائك يتشربونها منك فعلاً لاقولاً تأتيك الدنيا وهي راغمة وتري فيهم مايسرك .

10. لاتكوني حليمة عند فوات فضل أو تقصير في الدين مستدلةبقوله تعالى: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) وتتحسرين على فوات الدنيا عليهم بحجة ضمان مستقبلهم فالمستقبل الحق في مراقبة الله عزوجل ورضاه.

11. لاتكن الدنيا أكبر همك وتكون جهودك وطاقتك في أن يدرك أبنائك مافاتك أنت.

12. لاتحاولي تربية أبنائك بارتكاب المعصية فالذنب شؤم فكيف إذا كان وسيلة فمن الأمهات من تنتقد الآخرين وتجتهد في ابراز المساويء لتبرز لأبنائها الآثار السيئة وهي لاتعلم أن في هذا شماته وفيه لفت نظر لسوء وهذا في أقل تقديرله ولو اتقت الله وسترت الآخرين وغضت طرفها عن معايبهم لأثابها الله عصمة أبنائها عن معرفتها فضلاً عن الوقوع بها.

13. لاتستفردي بالتربية وتعتقدي أن الفضل لك وحدك فإن الله عز وجل يتولى عباده وييسر لهم من يأخذ بأيديهم فلا تحرميهم من نصائح الآخرين لأنك تحبينهم أكثر واستفيدي من أحبابهم ومشايخهم ومن له تأثير عليهم فالمؤمن قوي باخوانه.

14. قوي يقينك بالله وإذا لم تجدي معين فاعلمي أن لو اجتمعت الانس والجن على أن ينفعوك لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك.

15. لامساومة على الثوابت ولو في أضيق السبل فقد يكون ابتلاء للتمحيص فإذا فشلت فيه توالى الفشل من حيث لاتدرين.

16. وطني نفسك على الصبر لأنك لن تصلي الى مرادك الابالعزيمة والصبر وكثرة الفتن من حولك هي اختبار لك ، قال تعالى: ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون).

17. رضا الله هو الغاية العظمى والطريق لها هو الهدف والوسائل المشروعة متعددة .

18. النية هي مدار العمل فابدئي بتصحيحها أولابأول ثم راجعيها ثانياً.

19. اكثري من الصدقة ففيها دفع البلاء وتكفير الذنوب واطفاء غضب الرب.

20. احرصي على الدين فكل البلاء دونه يهون.

21. ساعدي الآخرين ولاتنشغلي بأبنائك عنهم وتذكري أن جميع أبناء المسلمين أبنائك.

22. أوديعهم الله الذي لاتضيع ودائعه .

23. اسألي الله أن يجعلهم عوناً لك على طاعته ويجعلك عوناً لهم على طاعته.

24. عليك بالبر فالبر مايرونه منك لاماتملينه عليهم.

25. استغفري الله واجعلي محبته ومحبة نبيه أحب من محبتك لهم واسألي الله ذلك.

ختاماً:اجتهدي ولكن:

قد يكون الخير والصلاح لك ولهم في أمر لاتحبينه أنت ، ولكن رضاك بقدر الله والتسليم له هو الخير كله

أيتها الأم الفاضلة:

لعلك ترين أني لم أحلك على كتب تربوية ولا فلسفة اجنبيه ولكني ركزت عليك لأنك الأصل واذا صلح الأصل تفرعت الفروع خضراء مثمره فالله الله بتزكية نفسك والله الله برضا الله واعلمي أن الله أكرم من خلقه ولن يخيب رجائك

واهتمي بقلبك غاية الاهتمام : قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب } فهذا مع دلالته على الارتباط العضوي بين الإرادة والعمل يؤكد مهمة الدين التي هي إصلاح الأصل ليصلح الفرع والأثر .

وحرصك هذا هو الحرص الفطري للانسان والسعي الدائم والجهد والبذل والحركة هي في تركيبه الذاتي ولكن قد تكون هناك موانع كثيرة تحول بينه وبين تحقيق مراده وهذا يجعلنا نقف مع هذا الانسان والذي يصفه خالقه وهو الأعلم بحقيقته قال تعالى:

(إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً )الأحزاب:72]

(وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً )[النساء:28]

(خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَل )[الأنبياء:37]

(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ) [طه:115]

من أجل هذا وغيره أؤكد لك أن الله تعالى هو وحده الذي يريد الشيء فيكون:

( إنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [يس:82].

فأصلحي شأنك معه

أسال الله تبارك وتعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يصلح أبناء المسلمين

والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماًكثيراً.

منقول 2/2/2012

ليست هناك تعليقات: